كتاب النار في التحليل النفسي غاستون باشلار PDF

اول ما يتوارد الي ذهن قاريء لهذا الكتاب تناقض غاستون باشلارلما قدمه من معطيات في كتابه الفكر العلمي الجديد فان الافكار الغيبية واللاعقلانية تلك التي تصورنا ان الفكر العلمي قد تجاوزها وتراجعت امام الثورة العلمية قد عاودت الظهور من جديد في عصرنا الراهن فلقد ظلت قابعة في اللاوعي الجمعي للبشرية علي الرغم من لا عقلانيتها , حالة من الشيزوفرنيا الجماعية .لهذا نري ان باشلار , كرس معظم الطور الثاني من حياته المهنية , كما يقول J.G. Weightman. في تطوير وتنمية ذلك الجانب من الطبيعة البشرية المعادي للعلم والذي ظل قابعا تحت رماد اللاوعي دون ان يتمن التفسير العلمي من التأكد من عدم أتقاده – ثم – العلاقة ما بينه وبين أفكار كل من سيجموند فرويد من ناحية وليفي شتراوس من ناحية اخري , فالاول قام من خلال التحليل النفسي لارجاع السلوك اللا واعي عند الانسان الي الجنس ( الليبيدوLibido واقام من ثم نظريته عليها , كما ان باشلار على خطى فرويد الذي قدم منهجاً لتفسير الأحلام في كتابه الهام الذي يحمل نفس الإسم, فإن جاستون باشلار يقدم في هذا الكتاب منهجاً للتحليل النفسي لأحلام اليقظة وخاصة تلك التي ارتبطت بظاهرة النار وذلك من خلال التحليل النفسي للعقلية اللاعلمية أو الماقبل علمية والتي فرضت نفسها بعد أن تخيلنا انها قد انقضت الي الابد. مع ان غاستون باشلار يشاطر عالم النفس المعروف يونج في اننا لكي نفهم (التفكير thinking علينا ان نحلل الانماط غير الواعية للتفكير التي يشترك فيها الناس جميعا , ومن هنا جاءت اهمية التحليل اللاواعي للنار للوصول الي النمط غير الواعي غير العلمي للفكر عند باشلار علي اساس ان النار ضمن اربعة عناصر اساسية مكونة للحياة مع الهواء, التراب , ثم الماء , مركزا علي الأهمية السايكولوجية والأدبية او الشعرية للنار حيث يظهر بجلاء تأثير الفنانون السرياليون والفلاسفة عليه في اعتقادهم بأن للعقل واقعهّ او حقيقته الخاصة به والتي علينا اكتشافها . بجانب تأثير الكتابات الانثروبولوجية والأدبيه الميثالوجيا خاصة كتابات السير جيمس جورج فريزر وهو عالم انثروبولوجيا إسكوتلندي كبير. الف كتابه المشهور و الضخم ” الغصن الذهبي ” وهو عباره عن دراسه في السحر و الدين. وضح فيه إن كثير من الاساطير الدينية و الشعائر الدينية أصلها منذ أيام ظهور الزراعة في عصر ما قبل التاريخ ( انظر Carl Bankston , Gaston Bachelard the psychoanalysis of fire ) والثاني , وهو شتراوس ,فقد رأي ان الانسان البدائي هو المرحلة الاساسية والجوهرية للتفكير البشري لهذا كانت بحوثه في القبائل البدائية في منطقة حوض الامازون محتجا علي التاريخ والتطور ) .

. الا ان هذه الغرابة تنتفي اذا ما وضعتا في الاعتبار طبيعة تفكير باشلارالرافض للثبات , يقول الاستاذ درويش الحلوجي , مترجم الكتاب , ان (التماسك المعرفي الحقيقي ليس هو الثبات الدائم وعدم المساس بمجال ما من مجالات التفكير؛ لكنه بالا حرى القدرة على زعزعة وهز المفاهيم وخصوصا تلك الشائعة. من العقل الجامد المتصلب الى العقل المركب الحامل للتناقض الجدلي تلك كانت النقلة التى ركز عليها باشلار فى كتابه هذا. يثبت تاريخ الاكتشافات والتنبؤات العلمية أن المفاهيم الأساسية ليست هى التى تتغير فقط وإنما المرجعيات التى تستند إليها أيضا، عندما تتغير المرجعية فإنها تغير من المفاهيم التى تستند إليها. من الممكن القول أن باشلار كان فيلسوفا ملتزما والتزامه الأساسي كان يتركز على النضال ضد العقليات المتخلفة أو وفقا لما مااطلق عليه العقليات الماقبل علمية(

وفي تحديد يشابة كثيرا خلات اوجست كونت الثلاثة يري باشلار ثلاث مراحل أو فترات مر بها التفكير العلمي، يقول باشلار فى كتابه الرئيسي والهام ” تكوين العقلية العلمية” : ( إذااضطررنا إلى وضع عناوين عامة لمختلف فترات التفكير العلمي، فإننا نميز بين ثلاث فترات ( انظر مقالة الاستاذ سعيد بو خليط ) :

الفترة الأولى تمثل الحالة الماقبل علمية.

الفترة الثانية تمثل الحالة العلمية فى طور الإعداد عند نهاية القرن الثامن عشر وتمتد الى مجمل القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.