هذا الكتاب الصادر عن دار النشر ”هرست” وشركاه في لندن المملكة المتحدة تحت عنوان ”الحرب العالمية الأولى في منطقة الشرق الأوسط”. يتسم بالشمولية من حيث رصده لتأثيرات مجريات الحرب العالمية الأولى على هذه المنطقة الحساسة من العالم.
وهو جديد في موضوعه لأنه نادرا ما تحظى منطقتنا باهتمام المتخصصين في الغرب خصوصا من النواحي الإستراتيجية والعسكرية وكذلك الإحاطة بالأوضاع التي كانت سائدة فيها خلال فترة تاريخية مفصلية. استطاع ”الكتاب” أن يسجل نجاحه في تسليط الأضواء على جبهات القتال الملتهبة التي خيمت عليها الشراسة. وعلى المعارك التي إتصفت بالوحشية وبالمواجهات الضارية التي كانت مماثلة لما شهدته جبهات القتال في القارة الأوروبية. وكان قد جرى بالرغم من إفتقار الشرق الأوسط حينذاك إلى أبسط المرتكزات الأساسية لمتانة البنى التحتية المتمثلة بطرقات غير معبدة وخطوط لقطارات حديدية لعبت دورا سلبيا في توثيق حركة التواصل بين المناطق البرية وحدت من سرعة التنقل وفقا لخط ناري إمتد من غاليبولي ومر في غزة وانتهى في أسفل دجلة في العراق.

ما أعمق الفور الذي نفذت إليه الحرب العالمية الأولى ولا تزال في ضمير الإنسان الحديث. لقد أعادت تشكيل النسق السياسي الذي كانت عليه أوربا وقسم كبير من آسيا، وهو بلادنا العربية. من قبل ولا تزال ذكرياتها الأليمة تنتصب واقفة في كل قرية ومدينة من الدول التي جرى فيها القتال، من ضفاف نهر “المارن” إلى “كوت العمارة” و”سكة حديد الحجاز” حتى بعد أن يغي على نصرامها زمن طويل. وفي هذا الكتاب يحاول المؤلف البحث في هذه الحرب الفاجعة يهدف أن يقرأها الناس في صور وباستشراف تاريخي هي، لذلك عمد إلى غربلة ما وقع بين يديه من مصادر مزوداً المعلومات المستخلصة يصدر منها القديم ومنها ما يعرض لأول مرة. بالإضافة إلى ذلك فقد عمد المؤلف إلى شرح السبب الذي من جرائه نشب ذلك الصراع المرير.