ليس من الدول من ليس لها دستور ، في الدستور حياة البلدان وفيه هلاكها ، هو الركن الرابع اللاحق لنشأة الدولة ، بأستاره تتعلق الشعوب الباحثة عن الحرية ، وفي كنفه يحتمي الحاكم والمحكوم ، فالدستور مظلة الديمقراطية والشمولية ، فإما مظلة تحمي أو مظلة تهلك ، الدستور على دين الساسة والشعوب ، كيفما يكون القابض والشعب يكون الدستور ، هو المرآة العاكسة لتوجهات القابض على السلطة وتطلعات الشعب.

الدستور ليس غاية بذاته؛ لكنه وسيلة لإدارة الدولة وتحديد مسارات السلطة وبناء
مرتكزات منظومة الحقوق والحريات الوطنية؛ فإما دستور ينتصر للشعب ويبني
الدولة ويقُوم السلطة؛ أو دستور يهزم الشعب ويضعف الدولة وينصر السلطة»
فالأول مأمول مرجو مُتطلع إليه؛ والثاني ممقوت مرفوض مصدود عنه. لم تبلغ
الشعوب الباحثة عن الحرية الدستور الناصر إلا بدماء سالت وأرواح تسامت
وقرابين قُدمت؛ فليس كل دستور يستحق الفداء؛ فقليله صالح وكثيره طالح؛ به
تتشتر الدكتاتور» وعلى متنه حلق المتفرد؛ وبجناحيه جدف المغتصب؛ على
الشعب أن يكون حراً في خياراته فأما دستور يُحرر وإلا فلا خير بمقيد.