كتاب صورة الرجل في شعر المرأة الأندلسية دراسة تحليلية أحمد حاجم الربيعي PDF

كثرت الدراسات التي تدور حول المرأة في الشعر العربي» واحتلت غرضاً رئيساً
من أغراضه وهو غرض الغزل واستاثرت بصور عذة واتجاهات مختلفة؛ وكانت أغلب
هذه الصور تخضع لرؤية الرجل؛ وتنشد على وفق هواه؛ وقد تكون هذه الصور عذرية
أو حسيّة تتعلّق بأوصاف جسدها أو حركاتها؛ وقد تعلق باحاسيس الرجل وتشوقه
إليهاء ولكنها في أغلب الأحوال صور مثالية تتناقلها أجيال الشعراء من عصر إلى آخر.

وقد توهّم الباحثون أن ميدان المرأة الشعري خال من كل ما يثير المتلقي؛ وخاو
من كل ما بجذبه إليه؛ ولا يستحق العناء للقيام فيه مجولات وصولات دون كيشوتية؛ وقد
عرفت المرأة هذه الفكرة وما يدور في ذهن الرجل من أفكار مسبقة؛ وأرادت أن تثبت له
سوء ظنه؛ نزلت الى الميدان بكلّ ثقة؛ وفرضت شعرهاء ونافحت الرجال وساجلتهم؛
واستخدمت سلاحهم لتقرع أسماعهم؛ ودعتهم إلى الاعتراف بحقها في الوجود؛ وأنها لا
تختلف عنهم في مقدرتها من حيث الشعر أو غيره؛ وقابليتها على التفئن فيه.

ول يخطر على البال أن المرأة تستطيع أن ترسم للرجل صورة في شعرهاء وهذه
الصورة تخضع هي الأخرى لإرادتها ورغبتها؛ وتتعلق بمشاعرها وأحاسيسهاء ول تتجسّد
فيها تلك المثالية الي رسمها الرجل للمرأة؛ بل كانت أغلب صورها تنحو نحو الواقعية؛
وبعضها يخضع لعواطف المرأة ومشاعرها المتغيّرة التي لا تقف عند حدود معينة.

والمرأة حين تنظر إلى الرجل فإنها تدرك ما يريد؛ وتعرف ما يخفي وما يعلن»
وذلك من خلال إحساسها بمكنون ذاته؛ وتعدد أحواله المختلفة؛ وتعي أسلوب تعامله
معهاء بل تملك القدرة على التمييز بين الرجال الرجل الجاد في حياته؛ والرجل غير الجاد
فيهاء وحين يطلب منها الاختيار فإنها تحرص على أن تختار ما تريد.