كتاب مآذن صنعاء حتي نهاية القرن الثاني عشر الهجري – الثامن عشر الميلادي دراسة أثرية معمارية علي سعيد سيف PDF

تعد صنعاء المثل الحي للتراث المادي المعماري في اليمن بما تضمه من منشآت، وما تحويه من فنون زخرفية ومشغولات يدوية شملت مختلف هذه الأنواع. وتقع مدينة صنعاء ضمن الهضبة الشرقية لليمن في الأحواض المنخفضة لهذه الهضبة وبالتحديد عند سفح جبل نقم، الجبل الجوي للمدينة، الذي يعتبر تجمع غيوم المطر في الصيف مما كان له الأثر الكبير في اختيار موقع المدينة.

إضافة إلى وقوعها في سهل منبسط وخصب تتوافر فيه المياه الجوفية والتربة التي تشكلت من خلال تلك الصخور المليئة بالمعادن، لذلك تم اختيار موقع المدينة وإقامة مجتمع حضاري فيها. كما أنها تحتل مركزا وسطا بالنسبة لخطوط الطول والعرض فهي تقع على خط طول على دائرة عرض( 15,23درجة) شمالا وخط طول (44,23درجة) .

وترتفع عن مستوى سطح البحر بنحو 2350م ويحيط بها من جهة الشمال تلال منخفضة تتكون من الحجر الجيري، وعلى الجانب الشرقي فإن حافة حوض صنعاء محزوزة بصورة عميقة وإن الجبال التي تشكل الجوانب الشرقية والغربية والجنوبية لسهل صنعاء هي صخور بركانية.

شهدت اليمن حضارة إنسانية بقيت متألقة عبر العصور المختلفة؛
تشهد بما خلّفه الإنسان من آثار ماديّة تجلّت فيها العمارة والفنون المختلفة
في أزهى صورها.

وتمثل المآذن ‏ جزءاً بارزاً من مخلفات ذاك الإنسان ‏ والبحث في
العناصر العمارية للمسجد لا يقلّ أهمية عن عمارة المسجد» لما تتميّز به من
خصائص عمارية عربية وإسلامية تشذٌ بجمالها ورونقها الناظر إليها .

وقبل الدخول في بسط البحث وموضوعاته نشير إلى العقبات التي
واجهت الباحث وهي بالدرجة الرئيسية ندرة المصادر. وقلّما نجد مصدراً
آثرياً يتحدث في الموضوع» وانجهنا نحو المراجع التاريخية والتي سكتت
أيضاً عن تقديم وصف كاملٍ للمئذنة اللّهم إلا ما جاء في كتاب الاختصاص
ذيل تاريخ مديئة صنعاء (للعرشاني) يصف فيه مئذنتي الجامع الكبير فكان
اعتمادنا عليه لتلك المئذنتين إلى جانب ما قدّمه الكاتب الأجنبي (سرجنت)
الذي قضى في صنعاء مدة طويلة خرج منها بكتاب أسماه (صنعاء المدينة
العربية الإسلامية) (وانه وننتماو1 ممنطوتث هل 88ه5) وإن لم يتحدث عن
المآذن ولكنه أشار إليها. وأما كتب التأريخ اليمني فلم نجد منها ما يتحدث
عن وصف المآذن وإنما أشارت إلى بعض من بنى المآذن.

ونطمح إلى أن نتعرّف على التخطيط العماري للمئذنة في صنعاء
ووضع الأسس والقواعد لأصولها العمارية في هذه المدينة التي ما زالت
تلبس حلّة الماضي الممتدّة جذورها في عمق التاريخ والذي حدا بمنظمة
اليونسكو أن تدعو إلى المحافظة عليها.

وهذه المدينة ما زالت تنتظر الباحثين ليَقِمُوا على مبانيها من منازل
ومساجد ومرافق خدماتية» ولذا كان اختيارنا لعنصر معماري من عناصر
المسجد ألا وهو المئذنة.