كتاب الملكة اللسانية في مقدمة ابن خلدون دراسة ألسنية ميشال زكريا PDF

يقتصر البحث، في هذا الكتاب على دراسة مفهوم الملكة اللسانية عند ابن خلدون من خلال إعادة قراءة مقدمته قراءة جديدة على ضوء عالم الألسنية وذلك يهدف تسليط بعض الأضواء على نظرة ابن خلدون إلى اللغة من حيث أنها ملكة لسانية وتبيان الآراء اللغوية المتطورة الموجودة في الفصول التي تناول فيها المسائل المتعلقة باللغة. والدراسة إلى هذا ليس من شأنها أن تبحث في الآراء اللغوية لابن خلدون بصورة عامة، ولا أن تبحث في أصالة تفكيره اللغوي أو في الآراء الجديدة التي أتى بها في هذا المجال بالنسبة إلى الفكر اللغوي العربي.

كما ليس من شأنها، بالتالي، إظهار ابن خلدون في مظهر العالم اللغوي أو الرائد الألسني الذي حلل قضايا اللغوي ومسائلها كما يحللها الآن علم الألسنية. لأن ذلك، في الواقع، يبعد عن الحقيقة الموضوعية في مجال تفهم الاهتمامات الأساسية التي وجهت كتاباته. بل أن هذه الدراسة تهدف إلى تبيان أن ابن خلدون قد أتى خلال عرضه الموجز لما أسماه “بعلوم اللسان العربي”، بآراء لغوية متعمقة ومتطورة يجدر التوقف عندها ملياّ، لتحليلها ومقارنتها مع بعض الآراء المعمول بها، حالياً، في مجال علم الألسنية لذا فهذه الدراسة تتبع مفهوم الملكة اللسانية عند ابن خلدون وتركز الاهتمام على بعض المسائل اللغوية التي هي متطورة وينبغي النظر فيها مجدداً بغية الاستفادة منها في حقل الدراسات اللغوية المتعمقة.

وهذه المسائل، بالذات، تثبت بصورة واضحة وجلية، أن الجانب اللغوي في فكر ابن خلدون يرتدي أهمية ملحوظة، مثله مثل الجانب الاجتماعي والسياسي، فابن خلدون قد انفرد عن غيره بالنظر إلى اللغة من حيث أنها ملكة لسانية، ومفهوم الملكة اللسانية، كما يتوسع فيه ابن خلدون، مفهوم حيّ معاصر يقارب مفهوم الكفاية اللغوية الذي يركز اهتمامه عليه الألسني الأميركي نوام تشومسكي في نظريته الألسنية التوليدية والتحويلية. لذا فقد قصر الباحث البحث على إبراز مفهوم ابن خلدون للملكة اللسانية من خلال إبراز أهم الآراء التي شاءها معالم جديدة على طريق تحليل اللغة.

وقد سعى المؤلف إلى بيان مدى جدتها ومبلغ صلاحيتها وفعاليتها من منظار علم اللغة الحديث وذلك من دون مناقشتها. معتمداً في هذا منهجية جديدة قائمة على إعادة قراءة المقدمة قراءة جديدة نقدية متعمقة على ضوء علم الألسنية. وفي قراءته هذه، حاول تلمس القضايا اللغوية المتطورة في “المقدمة” واضعاً نصب عينيه إمكانية اختفاء نظرة علمية متجددة على الآراء اللغوية الواردة في المقدمة، وإظهارها من منطلق علمي حديث، يهدف ربط الفكر اللغوي العربي بالفكر الألسني العالمي