كتاب تلمسان في العهد الزياني دراسة سياسية – عمرانية – اجتماعية – ثقافية عبد العزيز فيلالي PDF

لاشك أن مدينة تلمسان» كان لها تأثير سيامي وحضاري» واسع النطاق خلال العهد
الزياني» الذي تطورت فيه سياسيا ونمت عمرانيا؛ وانتعشت اقتصاديا وازدهرت فكريا» وخاصة
حينا تغلبت على فترات الضعف والحيمنة الأجنبية » التي أصابتها من حملات الجارة الشرقية والجارة
الغربية.

فقد اكتسب المجتمع التلمساني » ثقافة واسعة ورقيا حضاريا أخرجته من طور البداوة الى طور
الحضارة» فأعطى بمختلف عناصره أهمية كبيرة للحياة الإجتماعية ومظاهرهاء وللحركة الفكرية
والثقافية؛ ونشر المعرفة وتعميقها بواسطة التعليم ؛ وبفضل الرحلة والاحتكاك بالعلماء الوافدين»
تغذت الحركة الفكرية بتلمسان» برافدين هامين» رافد الأندلس ورافد المشرق. فضلا عن
الجهاز العلمي والتربوي التلمساني المحلي؛ فتضاعف التحصيل وتعمق الاقتباس» وتوسعت
التيارات الفكرية المتعددة؛ في عقول النخبة من أهل تلمسان . فكثرت المجادلات والمناظرات
الشفوية والمكتوبة؛ بين علماء تلمسان وغيرهم» فتطورت العلوم النقلية والعقلية؛ وبرز فيها علماء
تلمسانيين تميزوا بعمق التفكير» وغزارة التحصيل» فكانت لهم مساهمات جادة في النهضة
العلمية؛ والحركة الفكرية في حواضر المغرب والأندلس والمشرق .

وعلى الرغم من حيوية الموضوع وأهميته» والأدوار البارزة التي لعبتها مدينة تلمسان» وأهلها في
الميادين المختلفة» فترة زمنية زادت عن ثلاثة قرون» فإنه لم يحظ بعناية الباحثين ودراسته دراسة
مستقلة؛ كما حظيت به عواصم الغرب الإسلامي » باستثناء بعض المقالات والكتب والرسائل
الجامعية؛ وهي دراسات تركزت في عمومها على التاريخ السيامي والعسكري©؛ للدولة الزيانية