(مراكز القوة في العالم تتحول من الغرب إلى الشرق) هذه الجملة على قصرها إلا أنها
بالغة الأهمية لان هذا التحول سيتبعه تغيرات جيوستراتيجية وجيو سياسية ستكون لها
انعكاسات على صناعة القرار الدولي. فقد نمت قوة الدول الآسيوية اقتصاديا وعسكريا بشكل
كبير. الأمر الذي غدا يمثل إطارا لانتقال حقيقي وملموس مقادير القوة من الدول الصناعية
في الغرب إلى الدول الصاعدة في آسيا (الصين وكوريا الجنوبية والهند). مما يعكس أهمية
جيوستراتيجية وجيوسياسية تؤثر في مكانة الدولة في بنيان النسق الدولي.

لذلك لابد من القول أن تلك الحقيقة باتت تشكل إدراكا يابانيا متزايدا لعدد من الحقائق في صياغة إستراتيجيتها الدولية. أولها أن اليابان. دولة لها ثقلها الاستراتيجي (حضارة وسكان واقتصاد وتكنولوجيا) ما يجعلها قادرة على تبوء مكانة عظمى في النظام الدولي. وثاني هذه الحقائق أن التحدي الأكبر الذي تواجه اليابان في القرن الحالي هو حفاظها على مكانتها الاقتصادية والتكنولوجية العالمية وان لا تفقدها أو تتراجع عنها في عصر الأسواق المفتوحة والأزمات المتلاحقة التي يشهدها العالم.

تتزامن هذه الحقائق مع وصول نخبة سياسية جديدة لم تشهد ويلات الحرب العايلية
الثانية تحلم بان تكون اليابان دولة طبيعية لها الحق في تكوين جيش بالمعنى اللتعارف
عليه. إذ ترى هذه النخبة ضرورة وجود نفوذ دولي وقوة عسكرية قادرة على حماية
مصالحها في أي بقعة من العالم.