كتاب الكناية المعاصرة والأساليب الحديثة محمد رضوان الداية PDF

فن الكناية قديم في النصوص الأدبية العربية، وهو جانب من جوانب أدوات التصوير في الكلام؛ وهو من وراء ذلك وسيلة م وسائل أداء المعاي، وتوصيل الأفكار، بين المتكلم والكاتب من جهة، وبين المتلقي قارئا أو مستمعا من جهة خرى. ونقرأ في معلقة امرئ القيس (توفي نحو سنة ٨٢ قبل الهجرة ٤٠ ٥ ميلادية): وقد أغتدي والطي في وكناتها بمنجرد قيد الأوابد هيكل (أغتدي: أخرج في الصباح. الوكنة وكر الطائر (عشه)، ومنجرد: حصان (من صفته أنه قليل الشعر: من علامات عراقته) وقيد الأوابد: يلحق الطرائد وغيرها وكأنه يقيدها لسرعته، وهيكل: ضحم الجسم). وعبارة (والطير في وكناتها) من جهة النحو جملة حالية، لكن في الكلام كناية، فإنه يقول: إنه يخرج في الصباح المبكر؛ وكنى عن شدة تبكيره بسبق خروج الطيور من أعشاشها. نلاحظ إذن الفرق بين قوله: خرجت مبكرا إلى مقصدي، وقد أذى المعنى المراد مباشرة، وبين قوله: أغتدي صباحا قبل أن تطير الطيور من أعشاشها، فقد جاء بالمعنى المطلوب، وزاد عليه هذه الصورة الحركية، ونبه القارئ إلى المعنى المراد بطريق غير مباشر، وحسن اللفظ ولون الكلام.