كتاب المدخل إلى الأداب الأوروبية فؤاد المرعي PDF

لكي نفهم تاريخ الأدب القديم؛ بل كل أدب» لا يكفي أن نقرأ أعمال الكُتّاب
ونقوّمها بحسب آرائنا وأذواقنا الشخصية؛ بل يتطلب ذلك امتلاك ناصية الطريقة
العلمية الصحيحة. لقد بذل علماء الأدب جهودًا كبيرة ولا يزالون يواصلون السعي من
أجل صياغة الطريقة العلمية. ولذا فمن المفيد قبل البدء برحلتنا الطويلة عبر تاريخ
الأدب العالمي أن نلقي نظرة عجلئ علئ الطريقة التي نعتقد أنها الأصوب والأكثر
كمالًّا.

بدأت تجارب صياغة نظرية الأدب والنقد الأدبي في أقدم العصور» ولكن ما حدث
آنذاك كان طرحًا لمسائل النظرية والنقد فقط» أما أهمية هذه المسائل فلم تصبح علئ
ما هي عليه من الضخامة إلا في العصر الحديث.

في عصر النهضة شرع العلماء في جمع نصوص الكُتَاب القدماء ودراستها وتم
الكثير من العمل في العصر الكلاسيكي (القرن )17‏ إذ استخدم الكُتَاب المسرحيون
الفرنسيون كورنيه وموليير وراسين وغيرهم التركة القديمة استخدامًا واسعّاء؛ ولكنهم
فهموها بروح عصرهم وأضفوا عليها حداثة شديدة.

وصاغ بوالو في كتابه «فن الشعر» قواعد أدبية للكُتاب محولا تعاليم المنظّرين
القديمين -هوراس (القرن الأول قبل الميلاد) وأرسطو (القرن الرابع قبل الميلاد)-
إل صيغ جامدة كان في أحيان كثيرة يفهمها فهمًا خاطيًا» غير أن قواعد بوالو هذه
ظلت قوية النفوذ في خلال أكثر من ماثة عام.

وحدث انعطاف حاسم في فهم نظرية الفن ونظرية الأدب في أعمال العلامة الخبير
في شؤون العالم القديم اي. اي. فينكلمان (1718-1768) الذي يعد واحدًا من رواد علم الآثار ونظرية الفنء ففي كتابه «تاريخ الفن القديم» لم يكتف
فينكلمان بالإعراب عن إعجابه بمنجزات الفن القديم؛ بل حرص على تفسير تطور
هذا الفن من وجهة نظر تاريخية مظهرًا «القنونة» الداخلية لتغيرات الأشكال
والاتجاهات الفنية؛ ودرس في هذا التطور تأثير المناخ والطباع والدين والقوانين»
وهكذا بات الإبداع الفني موضوع دراسة علمية بعد أن كان موضوع تقويم خاضع
للمصادفة والأهواء الذاتية.

وجدت وجهة نظر فينكلمان من يمضي بها قدمًا بين معاصريه؛ فطورها ليسينغ
في مؤلفيه «لاوكاوون» و«الأدب المسرحي في هامبورغ؛ بالاستناد
إلى مادة الأديين اليوناني والروماني الغنية؛ واتجه الشاعر العالم غيردر
نحو دراسة الأغاني الشعبية التي رأئ فيها منبع الشعر كله »؛ وبحث عن نماذج ذلك في
الأدب اليونانى بالدرجة الأولئ.

بيانات الكتاب