يضم هذا الكتاب معظم الفصول التى كتبتها عن الشعر والشعراء متذ
أواخر الخمسينات حتى أواخر الثمانينات , والكتاب بذلك يمثل رحلة أدبية
امتدت ثلاثين عاما متصلة , ولأنها رحلة طويلة فقد تنوعت فيها الأفكار والآراء
والتجارب ؛ فما من رحلة يهذا الامتداد يمكن أن تنتهى عند « محطة » واحدة
أو « منظر » واحد , وهكذا كان الأمر بالنسبة لى , فقد وققت أحيانا أمام ”
حياة بعض الشعراء , أحاول أن أعرف شيئا عما كان فى هذه الحياة من
تفاصيل وأسرار ٠‏ ووقفت أحيانا أخرى أمام بعض القصائد أحاول أن أقترب
منها بالتفسير والتحليل , ووقفت مرة ثالثة أمام بعض الظروف التى مرت
بشاعر أى أحاطت بقصيدة ؛ ومرة رابعة كنت أحاول البحث فى بعض القضايا
الفكرية الأساسية التى تتصل بحركة شعرنا العربى المعاصر .

ومع ذلك فقى هذا الكتاب نوع من الوحدة ؛ وهى وحدة تنبع من
شخصية مؤلفه , وطريقته فى البحث والتفكير والتذوق , وحدة تنبع من العصر
الراهن الذى تدور حوله الدراسات والفصول المختلفة ؛ ولا أريد أن أتحدث
كثيرا عن المنهج الذى التزمت به فى هذا الكتاب , وأفضل أن يقوم القارئٌ
نفسه بهذا النوع من التحديد , بعد أن يشاركنى فى هذه الرحلة الطويلة مع
الشعر والشعراء , ويكفى أن أقول هنا إننى من الذين يؤمنون بما يمكن
تسميته بالمنهج « الجمالى الإنسانى » , أى أننى أبحث دائما فى الفن عن
الجمال وأبحث عن الإنسان . والفن عندى”لابد أن يكون ممتعا ومثيرا للفكر
والشعور , ولكن الجمال الفنى وحده لا يمكن أن يكون كاملا إلا إذا اسنتطاع