خلال فعالية جرى تنظيمها في أبوظبي، الأحد، أعلن رئيس لجنة التحكيم، نبيل سليمان، أن اللجنة اختارت الرواية الفائزة من بين 133 رواية ترشحت للجائزة لهذه الدورة باعتبارها أفضل رواية نُشرت بين يوليو/تموز 2022 ويونيو/حزيران 2023.
وتسلمت ناشرة الرواية، رنا إدريس، صاحبة دار الآداب في بيروت، الجائزة بالإنابة عن الكاتب باسم خندقجي.
الروائي الأسير باسم خندقجي من مواليد نابلس في العام 1983، اعتُقِل من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية في 2 تشرين الثاني/ نوفمبر 2004، وكان في سنته الجامعية الأخيرة في جامعة النجاح الوطنية في قسم الصحافة والإعلام. حكم عليه في 7 أيلول/ سبتمبر 2005 بثلاث مؤبدات.
وبدأ مشواره الكتابي في السجن بمقالات جمعها كتاب “مسودات عاشق وطن”، تلاه كتاب “وهكذا تحتضر الإنسانية” عن تجربة الأسير الفلسطيني في زنازين الاحتلال، وله في الشعر مجموعة “طرق على جدران المكان” و”شبق الورد إكليل العدم”، ليتجه إلى الرواية، بدءاً من روايته: “مسك الكفاية: سيرة سيدة الظلال الحرة”، و”نرجس العزلة” التي دشّن إطلاقها فعاليات ملتقى فلسطين الأول للرواية العربية في العام 2017، فرواية “خسوف بدر الدين“، وأخيراً “قناع بلون السماء”.
في روايته “قناع بلون السماء”، يذهب باسم خندقجي إلى الحد الأقصى من التخيل الذي يجعل من شاب فلسطيني مكان شاب “إسرائيلي”، وتخدمه المصادفة في ألا يكون موضع شك نتيجة مجموعة من الملابسات.
يعثر “نور مهدي الشهدي” الباحث المختص في التاريخ والآثار، على بطاقة هوية زرقاء لشاب إسرائيلي يدعى “أور شابيرا”، داخل جيب معطف اشتراه من سوق الأغراض المستعملة، ولما كان نور “وتعني أورا بالعبرية” أشقر اللون بعينين زرقاوين أخذهما من أمه التي ماتت أثناء ولادته، فإن شكله وطلاقته في الحديث بالعبرية والإنجليزية، جعلا دوره “كإشكنازي” يبدو سهلا ولا يثير الشكوك.
صديقه الوحيد “مراد”، والمحكوم بالسجن المؤبد، يشكل معاملا موضوعيا لتفكير نور، بأخذه الجانب العملي من الشخصية مقابل الجانب الرومنسي الذي يتمتع به نور، ويظل نور، على امتداد الرواية البالغة 240 صفحة من القطع المتوسط، والصادرة عن دار الآداب في بيروت، يُجري حوارات متخيلة مع مراد، دون أن تصل رسائله إليه، باعتبار أنه كان يسجلها على هاتفه، ورغم ذلك فقد كان يتخيل ردود مراد العنيفة على مواقفه، وإن كانت نابعة منه.
يقوم نور بالتسجيل للعمل مع مؤسسة أميركية ستنقب عن الآثار في كيبوتس “مشمار هعيمق” المقام على أراضي قرية أبو شوشة المهجرة، وهو المكان الذي حدثت فيه واحدة من أكبر وأشرس المعارك التي جرت أثناء نكبة 1948، وكان مبرره الذاتي الذي أقنع نفسه به هو البحث عن صندوق مريم المجدلية ليثبت بعض الوقائع التاريخية، والتي جرت في “اللجون” أو مسيانوبوليس، أو مستوطنة مجدو، رغم أن إحدى رسائل مراد نصحته بوضوح أن يتجه كخبير آثار للتأكيد على ملكية أراضي الشيخ جراح، بصفتها قضية أهم وأكثر إلحاحا من البحث في تاريخ مريم المجدلية.
الكثير من الحوارات تدور بين “نور” و”أور”، يمتطي كل منهما حصان فكرته، ليهدد الآخر، لكن أيا منهما لا يتنازل عن موقفه إلا في النهاية، حين يضطر “أور” إلى السكوت حين يواجهه نور بأن الحركة الصهيونية استثمرت الهولوكوست لتحويله إلى منظومة أخلاقية تشرعن التطهير العرقي، والنتيجة النهائية للحوار، يقول أور لنور عندما طلب منه أن ينظر إليه كإنسان، فرد أور: أخشى من اختفائي أنا إذا أصبحت أنت إنسانا.
يلتقي نور في الكيبوتس بسماء إسماعيل، الفلسطينية من حيفا، والتي تشارك في أعمال التنقيب، وهي التي دائما ما تواجه الإسرائيليين والأميركيين بموقفها من هويتها، وتصرخ بها بوضوح، أنها فلسطينية عربية، وأن الهوية الإسرائيلية مفروضة عليها، وأنها تتعاطف مع ضحايا النازية، ولكن ليس مع الصهيونية التي استغلت الضحايا لتصنع ضحايا آخرين من الشعب الفلسطيني