كتاب التحديات الجيوبولتيكية لما بعد الحرب على غزة – المركز الديمقراطي العربي PDF

تباينت وتعددت الدراسات الجيوسياسية التي ساعدت في توضيح العلاقات بين السلطة والفضاء، والسياسة والجغرافيا، وخاصة فيما يتعلق بالحرب ومخرجاتها، وقد أنتجت التحليلات الجيوسياسية سلسلة من الأفكار حول جغرافية الأرض والحدود والقوة/المعرفة، فكنتيجة للحرب قد تظهر مساحات جيوسياسية جديدة وغير مستقرة في بعض الأحيان في فجوات المناطق السياسية، وهو ما قد تفرزه الحرب الأخيرة على غزة من طرف الكيان الإسرائيلي، وفي هذا السياق أشار المفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد إلى أنه لا يمكن أن يكون هناك سلام؛ إلا إذا أصبحت فلسطين حرة، ولكن من الممكن أيضًا أن تكون هناك حرب مدمرة من أجل هذا السلام، ويجب تجنب ذلك من خلال الجغرافيا السياسية للسلام.

ورغم أن الملامح النهائية لا تزال ضبابية، فمن الواضح أن الحرب في غزة تعيد تشكيل الجغرافيا السياسية، فالجنوب العالمي يقف إلى جانب روسيا والصين ضد التشكيل الجيوسياسي المؤيد لإسرائيل بقيادة الولايات المتحدة، في تناقض صارخ مع إدانته للغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما قد يشكل تهديدات خطيرة طويلة الأمد للأهداف الإستراتيجية الأميركية، ليس فقط في الشرق الأوسط، بل وأيضاً في إفريقيا وآسيا والمحيط الهادئ، حيث تسعى إلى احتواء نفوذ الصين، كما سحبت أكثر من ست دول، من بينها جنوب إفريقيا، سفراءها أو جميع دبلوماسييها من إسرائيل، احتجاجا على العنف الذي تمارسه إسرائيل في قطاع غزة، فضلا عن ذلك فإن دولاً كالهند والتي كانت تاريخياً في طليعة مناصري القضية الفلسطينية، أصبحت اليوم غير راغبة في إثارة قلق إسرائيل من خلال إدانة أفعالها في غزة.