كتاب القمح والأفيون والقطن العلاقات التجارية بين مصر وبريطانيا في عهد محمد علي باشا يسرا أحمد سلامة PDF

للتاریخ الاجتماعي والاقتصادي أھمیة ُكبرى في صیاغة تاریخ مصر الحدیث، تلك الأھمیة
التي أدركھا الأستاذ ُمحمد شفیق غربال، حین َوجھ ُطلابھ إلى موضوعا ٍت تخدم ھذا الھدف، فكانت
رسالة الدكتور أحمد عزت عبد الكریم عن تاریخ التعلیم في عھد ُمحمد علي، كذلك الدكتور/أحمد
أحمد الحتة عن تاریخ الزراعة في عصر محمد علي -أی ًضا- إنجاز الدكتور علي الجریتلي للبحث
عن تاریخ الصناعة في النصف الأول من القرن التاسع عشر، قد تَ َّم على ما یبدو بتوجی ٍھ من الأستاذ
شفیق غربال.
یُعد التاریخ الاقتصادي أحد العناصر المكونة للتاریخ بشك ٍل عام، إن لم یكن أھمھا على
الإطلاق؛ لأنھ یُمثل المرآة الحقیقیة التي تعكس الأوضاع السیاسیة والاجتماعیة لأي أمة، وبالرغم
من تلك الأھمیة، فإن ُمعظم الدراسات التاریخیة في مصر كانت -إلى وق ٍت لیس ببعید- تنصب حول
موضوعات التاریخ السیاسي، التي تكاد أ ْن تكون قد قُتلت بحثًا، في حین أ َّن دراسة التاریخ
الاقتصادي من جانب دارسي التاریخ بحاجة إلى دراسة دقیقة.
وانطلاقًا من ھذه الأھمیة، تأتي دراسة الباحثة یسرا محمد سلامة عن “العلاقات التجاریة
المصریة الإنجلیزیة في النصف الأول من القرن التاسع عشر،” التي تُشكل ُركنًا ُمھ ًما في الدراسات
الاقتصادیة لفترةٍ زاخرة بالأحداث، فقد شھدت ھذه الفترة ظھور التنافس الاستعماري لبعض الدول
الأوروبیة ال ُكبرى في مصر )فرنسا وإنجلترا(، والتنافس الذي حدث فیما بینھما للانفراد باحتلال
مصر، وفرض الحمایة علیھا، إلى أ ْن نجحت إنجلترا في تحقیق ھذا الھدف 1882م.
كما شھدت ھذه الفترة تولي ُمحمد علي باشا مقالید ال ُحكم في مصر 1805م، الذي استطاع
الاستئثار بحكم مصر ُمنفردًا بعیدًا عن أي صراعات داخلیة، ث َّم تفرغ بعد ذلك لبناء جیش قوي؛
یستطیع من خلالھ الاستقلال بمصر عن التبعیة العُثمانیة، ولكي یُحقق ذلك قام بتوجیھ النشاط
الاقتصادي لخدمة الأغراض الحربیة، وكاد أ ْن ینجح في الوصول إلى ھدفھ، لولا تَكالب الدول
الكبرى علیھ – خاصةً إنجلترا – فقضت على قوتھ بتوقیعھا ُمعاھدة بالطة لیمان مع الدولة العُثمانیة 8م، وھي المعاھدة التي نصت صراحةً على إلغاء الاحتكار – العمود ال ِفقري لقوة ُمحمد علي
الاقتصادیة – ومن بعدھا معاھدة 1840م التي عادت بمصر إلى الممتلكات العُثمانیة ُمجددًا