مضى أكثرُ من ألفِ عامٍ على رحيلِ «أبي العلاءِ المَعري» وما زالتْ زَوبعةُ ما أَثارَه مستمرةً حتى يومِنا هذا؛ فما بينَ وصفِه بالكافرِ ووصفِه بالمُفكرِ يتراوحُ الحكمُ عليه. إنَّ بقاءَ الأفكارِ وخلودَ أصحابِها يَرتبطان بشكلٍ وثيقٍ بالأَثرِ الذي يُحدِثونه؛ فكلُّ حجرٍ يُلقى في الماءِ الساكنِ يَتركُ حولَه دوَّاماتٍ مِنَ الأَفكارِ التي تَرتبطُ به وتَنْبني عليه، سواءٌ بنقدِه أو التأسيسِ عليه. وليسَ صحيحًا أن «شيخَ المَعرَّةِ» لم يكُنْ يَعبأُ بكلِّ ما يُثارُ حولَه؛ فقد كانَ مِنَ الحَصافةِ بمكان، حتى إنَّ من أفكارِه ما سطَّرَه في كُتبِه، ومنها ما ظلَّ حبيسَ صدرِه ولم يَخرجْ لأحد، وربما كانَ ذلك على وجهِ التحديدِ هو ما جعلَ الشيخَ مَثارَ جدلٍ كبير، وكانَ مِنَ الممكنِ أن يزولَ جزءٌ من هذا الغُموض، لو أنَّ كلَّ ما أَمْلاه خلالَ حياتِه قد وصَلَ إلينا. وعلى الرغمِ من هذا كلِّه؛ يَبْقى «أبو العلاءِ» وفكرُه علامةً بارزةً في تاريخِ تطوُّرِ الفلسفةِ والفكرِ العربي.
العصر الذي كان فيه أبو العلاء عَصرٌ ثائرٌ فائر؛ فبعد أن أَشعلَت «الفاطميةُ» القيروانَ والمغرب، وافق دُخولُ إمامها — المعز لدين الله — مصر عام مَولد المعري، وفي العَقدِ الذي وُلد فيه شيخ المعرة ودَرَج كانت جمعية إخوان الصفاء تَزدهِر وتنمو نُموَّ الصبي (٩٧٠–٩٨٠).
تأمَّلْ أي ثوراتٍ دينيةٍ واجتماعية وسياسية سَبقَت مولد هذا الغلام، ورَافقَت حياته التي افتُتِحَت بمحنة العمى. هبَّت عليها أعاصير النكبات فأطفأتها، ولكنَّ نُورها لم ينطفئ، وإنما تَغلغَل في أعماق تلك النفسِ البائسة فاستحالت منارةً عالميةً تَشِعُّ أنوارًا خالدة ولا يَنفَد زيتُ حِكمتها الأزليَّة.
ها نحن اليوم نُمشِّط — كما قال أَحَد أُدبائِنا المَعروفِين في دفاعه عن أدبه — رأسًا شَمشونيًّا، ونَحمَد الله على أننا لا نُمشِّط رءوسًا قَرْعاءَ تُعيِي المِقصَّ والمُوسى، ولا تَجِد أسنان المُشط فيها مَجالًا …
إن الفَترة العَلائية كانت زُبدة الحِقبة العربية، وتَركَت في تاريخنا عُصارة الفِكر العربي، فما وَثبَت تلك الموجة البشرية من شَطِّ جزيرة العرب حتى غدَت تيَّارًا جارفًا أَلقَى إلى اليابسة حِيتانًا روَّعَت العالم.
انفَتحَت عين العربي على نور الحضارة فأفلَت عقله من غُلَّال الصحراء وقُيودها، فتَفتَّق عن أكمامٍ سَريَّة. استنارت بصيرتُه ففكَّر في المسألة الخالدة المُستعصِية.
كان العربي ساذجًا يُصدِّق كل ما يسمع. لم يكن يؤمن إلا بملكوت الرغيف، فلا يحسب لِمَا وراء القبر حِسابًا، يعيش طبقًا للآية التي وَصفَته: مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ، أو كما قال الشاعر الجاهلي:
مارون بن حنا بن الخوري يوحنا عبّود (1886 – 1962)، كاتب وأديب لبناني كبير..[1] ولد في عين كفاع (من قرى جبيل).
في سنواته في المدرسة أبدى ميولا أدبية وتفوق في مجال اللغة العربية كما أصدر في عامه الدراسي الأخير مجلة أدبية أسماها الصاعقة. كان قد بدأ بكتابة القصائد ونشر بعضها في جريدة الروضة. أدخله أهله إلى مدرسة مار يوحنا مارون، التي أمضى فيها أربعة أعوام، لكنّه رفض الاستمرار فيها لأن أباه كان يقصد بإلحاقه بها أن يهيئه للحياة الكهنوتية، ما رغب عنه مارون ورفضه رفضاً قاطعاً. بعد ذلك التحق بمدرسة الحكمة حيث أمضى سنتين. وقد وجد مارون في هذه المدرسة الجو المؤاتي لتفتح مواهبه الأدبية، واحتكّ بعدد من الطلاب المولعين بالشعر أمثال: رشيد تقي الدين وأحمد تقي الدين وسعيد عقل.
تحميل كتب الكترونية PDF مميزة
تحميل كتب لــ مارون عبود PDF
مقتطفات من الكتاب PDF
تحميل كتاب أبو العلاء المعري زوبعة الدهور مارون عبود PDF
يبني الإنسانُ بيوتاً لأنه يعرف أنه حي ، لكنه يكتب كتباً لأنه يعرف أنه فانٍ.وهو يعيش ضمن جماعات لأن لديه غريزة التجمع ، لكنه يقرأ لأنه يعلم أنه وحيد
– دانيال بناك
قراءة أونلاين كتاب أبو العلاء المعري زوبعة الدهور مارون عبود PDF
موقع المكتبة.نت لـ تحميل وتنزيل كتب PDF مجانية :
- غير معني بالأفكار الواردة في الكتب .
- الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف في حالة وجود مشكل المرجو التواصل معنا .
نرحب بصدر رحب بكل استفساراتكم وارائكم وانتقاداتكم عبر احدى وسائل التواصل أسفله :
- صفحة : حقوق الملكية
- صفحة : عن المكتبة
- عبر الإيميل : [email protected]
- عبر الفيسبوك
- عبر الإنستاغرام : إنستاغرام
اكتشاف المزيد من موقع المكتبة نت : تحميل كتب إلكترونية مجانية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات في بريدك الإلكتروني.