كتاب من غزل الفقهاء علي الطنطاوي PDF ، تحميل مجاني ومباشر من موقع المكتبة.نت لـ تحميل وتنزيل كتب PDF .
قال لي شيخ من المشايخ المتزمتين، وقد سقط إليه عدد من الرسالة، فيه مقالة لي في الحب.
مالك والحب، وأنت شيخ وأنت قاض، وليس يليق بالشيوخ والقضاة أن يتكلموا في الحب، أو يعرضوا للغزل؟! إنما يليق ذلك بالشعراء، وقد نزه الله نبيّه عن الشعر، وترفع العلماء وهم ورثة الأنبياء عنه، وصرح الشافعي أنه يزري بهم، ولولا ذلك كان أشعر من لبيد.
فضحكت، وقلت له:
أما قمت مرة في السحر، فأحسست نسيم الليل الناعش، وسكونه الناطق… وجماله الفاتن، فشعرت بعاطفة لا عهد لك بمثلها، ولا طاقة لك على وصفها؟
أما سمعت مرة في صفاء الليل نغمة عذبة، من مغنّ حاذق قد خرجت من قلبه، فهزّت منك وتر القلب، ومسّت حبّة الفؤاد؟
أما خلوت مرة بنفسك تفكر في الماضي فتذكر أفراحه وأتراحه، وإخوانا كانوا زينة الحياة فطواهم الثرى، وعهدا كان ربيع العمر فتصرم الربيع، فوجدت فراغا في نفسك، فتلفت تفتش عن هذا الماضي الذي ذهب ولن يعود؟
أما قرأت مرة قصة من قصص الحب، أو خبراً من أخبار البطولة فأحسست بمثل النار تمشي في أعصابك، وبمثل جناح الطير يخفق في صدرك؟
أما رأيت في الحياة مشاهد البؤس؟ أما أبصرت في الكون روائع الجمال؟ فمن هو الذي يصور مشاعرك هذه؟ من الذي يصف لذائذك النفسية وآلامك، وبؤسك ونعماءك؟ لن يصورها اللغويون ولا الفقهاء ولا المحدثون، ولا الأطباء ولا المهندسون. كل أولئك يعيشون مع الجسد والعقل، محبوسين في معقلهما، لا يسرحون في فضاء الأحلام، ولا يوغلون في أودية القلب، ولا يلجون عالم النفس… فمن هم أهل القلوب؟
إنهم الشعراء يا سيدي، وذلك هو الشعر!
إن البشر يكدّون ويسعون، ويسيرون في صحراء الحياة، وقيد نواظرهم كواكب ثلاثة، هي هدفهم وإليها المسير، ومنها الهدي وهي السراج المنير، وهي الحقيقة والخير والجمال، وإن كوكب الجمال أزهاها وأبهاها، إن خفي صاحباه عن بعض الناس فما يخفى على أحد، وإن قصرت عن دركهما عيون فهو ملء كل عين، والجمال بعد أسّ الحقائق وأصل الفضائل، فلولا جمال الحقيقة ما طلبها العلماء، ولولا جمال الخير ما دعا إليه المصلحون. وهل ينازع في تفضيل الجمال إنسان؟ هل في الدنيا من يؤثر الدمنة المقفرة على الجنة المزهرة؟ والعجوز الشوهاء على الصبية الحسناء؟ والأسمال البالية على الحلل الغالية؟
ترك التعليم ودخل سلك القضاء، فأمضى فيه خمسة وعشرين عاماً من قاضٍ في النبك ثم في دوما ثم انتقل إلى دمشق فصار القاضي الممتاز فيها (1943 – 1953م)، ونقل مستشاراً لمحكمة النقض في الشام، ثم مستشاراً لمحكمة النقض في القاهرة أيام الوحدة مع مصر. كلف بوضع قانون كامل للأحوال الشخصية، عام 1947م وأوفد إلى مصر مدة سنة فدرس مشروعات القوانين الجديدة للمواريث والوصية وسواها، وقد أعد مشروع قانون الأحوال الشخصية كله وصار هذا المشروع أساساً للقانون الحالي .
كُلّ كتاب أو مجلَّد هنا تعيش فيه روحٌ ما، روح من ألّفه وأرواح من عاشوا وحلموا بفضله.
قراءة أونلاين كتاب من غزل الفقهاء علي الطنطاوي PDF
تحميل كتب الكترونية PDF أخرى مميزة :
- كتاب ميلاد مجتمع شبكة العلاقات الإجتماعية مالك بن نبي PDF
- كتاب الصفقة توفيق الحكيم PDF
- كتاب الإسلام والفنون الجميلة محمد عمارة PDF
- كتاب مستقبل الطبيعة الإنسانية نحو نسالة ليبرالية يورغن هابرماس PDF
- كتاب صانع الساعات الحكايات الشعبية عند الغجر سلسلة ثقافات الشعوب فرانسيس هنديس غروم PDF
- كتاب ذو النورين عثمان بن عفان عباس محمود العقاد PDF