يدور موضوع كتاب منهجية البحث في العلوم الإنسانية: تدريبات علمية لمؤلفه موريس أنجرس حول منهجية البحث العلمي. هذا الكتاب متداول عند العديد من الطلبة والباحثين لثرائه المعرفي والعلمي، إلا أن الجديد يتمثل في ترجمته إلى اللغة العربية في زي جديد وطبعة جزائرية حديثة (2006). قام بالترجمة جملة من الأساتذة المختصين الجزائريين.
2يضم الكتاب 477 صفحة عند تصفحها يجد القارئ نفسه أمام ستة أقسام و إثني عشر فصلا مقسمة مثنى مثنى، تحوي في طياتها زخما علميا ثريا بأسلوب بسيط وسهل للفهم والاستيعاب، في نفس الوقت معبر بأمثلة واقعية متسلسلة تحفز على التمحيص والتمعن.
3المغامرة العلمية هي أول قسم جمع فصلين اثنين، الأول يلخص مكونات الروح العلمية من الملاحظة إلى الموضوعية مرورا بالمساءلة، الاستدلال، المنهج، والتفتح الذهني. العناصر المذكورة تعد أساسية لكي يتسم أي بحث بصفة العلمية. أما الفصل الثاني فيؤسس لخصائص العلم من أنواع المعارف إلى مصادر المعرفة العلمية، ثم لغة العلم، أهدافه، و خصائص العلوم الطبيعية والإنسانية.
4القسم الثاني يشرح الطريقة العلمية في العلوم الإنسانية من خلال فصلين يعالجان مقاييس تمييز البحث، حلقته، أخلاق الباحث، المنهج و المناهج، تقنيات البحث ومقاييس تصنيفها، ثم التقسيم العلمي.
5المرحلة الأولى من البحث: تحديد المشكلة، الفصل الخامس منها ينير للقارئ طريقه في كيفية اختيار الموضوع، استعراض الأدبيات، تدقيق الإشكالية بعد نقد الوثائق وانتقائها. أما الفصل السادس فيُعرف بالفرضية خصائصها، حدودها، وأشكالها. كما يستعرض التحليل المفهومي بمختلف أبعاده، تليها طرق المراقبة الداخلية والخارجية، ثم يوضح في الأخير الإطار المرجعي الذي يشكل مجتمع البحث الذي سيكون محل الدراسة وخصائصه. يجد القارئ باحثا كان أم طالبا ضالته من خلال القسم الرابع في البناء التقني للدراسة من حيث تقنيات البحث حيث بدأ بالملاحظة، المقابلة، الاستمارة أو سبر الآراء، التجريب، تحليل المحتوى، وكيفية تحليل المعطيات الإحصائية وهذا حسب الطريقة التي سيعتمدها الباحث في دراسته. الفصل الثامن مكمل لسابقه، يضم أدوات الجمع التي يبين من خلالها كيفية بناء إطار الملاحظة أو بناء وثيقة الأسئلة، إضافة إلى كيفية بناء المخطط التجريبي وكذا فئات تحليل المضمون.
6يضم القسم الخامس المرحلة الثالثة من البحث التي تعتني بكيفية جمع المعطيات، انطلاقا من انتقاء عناصر مجتمع البحث ثم كيفية استعمالها وتوظيفها. أما القسم السادس يأخذ القارئ إلى المرحلة الرابعة والأخيرة للبحث، التي تعتمد على المخطط، الأسلوب، الموضوعية، البساطة، الوضوح، الدقة، والتصور العام…الخ، وبذلك يكون الباحث قد ألمّ ولو بقليل بمجرى ومرسى منهجية البحث العلمي في العلوم الإنسانية.
7بعد العرض المختصر للكتاب والتعريف بأقسامه، ارتأينا أن نختار القسم الثالث بفصليه للتفصيل فيهما، وذلك لاحتوائهما على الطرح وكذلك العملياتية. ميزة هذا الانتقاء ترجع إلى أن اختيار موضوع البحث وتحديد إشكاليته يعدان عنصرين أساسيين ومهمين لنجاح أي مشروع علمي، خاصة ضمن حقل العلوم الإنسانية.
8تعدّ الفائدة المتوخاة من دراسة أي موضوع الركيزة الأساسية، التي تمد الباحث بالديناميكية والطاقة الضروريتين لأي بحث. ويمكن إيقاظ هذه الفائدة بمختلف مصادر الإلهام كالتجارب المعيشة، رغبة الباحث في أن يكون بحثه مفيدا، ملاحظة المحيط، تبادل الأفكار، والبحوث السابقة. كل هذه العناصر يمكنها أن تجعل الباحث متحمسا لمشروعه العلمي. إلا أن الحماس لوحده لا يكفي لاختيار الموضوع، الذي يجب أن يخضع إلى مدى إمكانية إنجازه على أرض الواقع، لذلك يجب أخذ الوقت والموارد المادية محمل الجد وتفحصهما جيدا إضافة إلى توفير المعلومات الضرورية لبناء الموضوع من مصادر موثوقة. زيادة على الدراية الكافية بمدى تعقد موضوع الدراسة. حسب أنجرس يتم اختيار الموضوع انطلاقا من فوائده أولا وعلى أساس إمكانية إنجازه ثانيا وذلك حسب الشروط والصعوبات المحددة.