كتاب معجم الحضارة الأندلسية يوسف عيد يوسف فرحات PDF

لم يترك الأندلسيون باباً من أبواب الشعر المعروفة إلا عالجوه» فتركوا قصائد في المدح والهجاء والرثاء والفخر والزهد والتصوّف والفلسفة والغزل والخمر والطبيعة. وكان شعراً غزيراً معبراً عن نواحي الحياة الأندلسيّة. وكان كثير من الحكّام والأمراء شعراء؛ فمنهم المتفوّق المكثر ومنهم المقل؛ وتتراوح أشعارهم بين الغزل والفخر والشكوى .

عاش الشعر الأندلسيّ مع الحياة السياسيّة ورافق تطوّرهاء؛ فعبّر عن الصراع الخارجيّ الذي تمثّل في الغزوات المستمزّة»؛ وعن الصراع الداخليّ المتمثل في الفتن والثورات والعصبية بين القيسيّة واليمنية. وكان لعهد الفتنة انعكاسه على الحياة الأدبيّة بعامة» فعبّر الشعراء عن أحوال البلاد في المرحلة الأخيرة من الحكم الأموي وما صارت إليه أوضاع الناس .

وكان الشعراء يلتفتون إلى المشرق الذي لم تنقطع الصلة الثقافية به . فأبناء الأندلس كانوا بحاجة إلى المشرق لأنه أحفل بأسباب التقدّم. ثم إن موروث الأندلسيين الأدبي هو شعر العرب منذ الجاهلية حتى أبي تمام. وقد مالوا إلى المحدث من الشعر المشرقي وفضّلوه على القديم الجاهلي .

في عصر ملوك الطوائف شهد الأدب الأندلسّ تطوراً ملحوظاً» وانقسم الشعراء بين أتباع القديم وأتباع الجديد. وقد خضع الشعر لتأثيرات ما وصله من المشرق» ولا سيما المتنبي والمعري. كما تأثروا بأبي تمّام والبحتري وأبي نواس . وإلى ذلك استطاع الأندلسيون أن يخطُوا لأنفسهم منحى مستقلاً. خصوصاً في مجال الوصف» فجمعوا في القصيدة الوصفية بين التدفق والجزالة والصور المحدثة. فخرجوا بضرب من الشعر في