يا سبحان الله! قلَّما خلت عادة من فائدة، فالمرحوم والدي — رحم الله موتاكم جميعًا — كان يجبرنا على الصلاة الجمهورية كل مساء، فلا ينساها ليلة، ولا يخرم منها حرفًا. أذكر أنه ساقنا كلَّنا مرة، وركعنا بجانب فراش أمي الممغوصة، وقال لها: «يا أمَّ مارون، صلي معنا تصحِّي.» حاولت المسكينة أن تضحك فكشَّرت، وقالت: «أهي فنجان بابونج أم كأس عرق؟» فضحك، وقال: «صلِّي، بعد الصلاة يكون ألذ وأطيب.»
كانت أمي — نيَّح الله نفسها — من القانتات؛ تحب الصلاة كثيرًا، كيف لا وهي بنت الخوري موسى الذي كان يتوسَّل إلى ربِّه بصلاة أطول من يوم الجوع، ليرفضَّ عنه الشباب الذين يسهرون عند بناته الكثيرات … وقد سمَّاهن كلهن على وزن واحد، وإليك اسم المرحومة الوالدة «كاترينا»؛ لتعلمه، وتقيس عليه … ولكنها — أي أمي — كانت تهوِّم متى قامت الصلاة، فتأخذ بالسجود اللاشعوري، ثم لا تنفك تفعل ذلك حتى يرفع الوالد عقيرته مرتلًا «طلبة السيدة». وكثيرًا ما كان ينكعها إذا لم توقظها أول كيرياليسون … ثم يمضي غردًا كفعل الشارب المترنم على ما في صوته من بحة وصَحِل. وإذا استعجلنا نحن أخذ يتمطط هو على هواه، فنسير الهوينا اتقاءً لشره، ثم لا نتنفس إلا حين يناجي العذراء، ويضعنا «تحت ذيل حمايتها» … ولكنه يعود فيستأنف الصلاة من جديد، فتكون كذنب الطاووس في الكبر لا في الجمال، فيقول خمس مرات: أبانا وسلام لأجل راحة نفس جدِّكم؛ ليعامله الله بالرحمة. ويفرض مثلها لجدِّنا الآخر، ولجدتنا الأخرى، ومثلها لأقاربنا أجمعين، ومثلها لجميع الموتى المؤمنين، ومثلها لأجل ارتفاع شأن الكنيسة المقدسة، ومثلها لكل من آجر في بناء كنيسة الضيعة، ثم لأجل من له علينا فضل وتعب، وأخيرًا لأجل «المنقطعين».
مارون بن حنا بن الخوري يوحنا عبّود (1886 – 1962)، كاتب وأديب لبناني كبير..[1] ولد في عين كفاع (من قرى جبيل).
في سنواته في المدرسة أبدى ميولا أدبية وتفوق في مجال اللغة العربية كما أصدر في عامه الدراسي الأخير مجلة أدبية أسماها الصاعقة. كان قد بدأ بكتابة القصائد ونشر بعضها في جريدة الروضة. أدخله أهله إلى مدرسة مار يوحنا مارون، التي أمضى فيها أربعة أعوام، لكنّه رفض الاستمرار فيها لأن أباه كان يقصد بإلحاقه بها أن يهيئه للحياة الكهنوتية، ما رغب عنه مارون ورفضه رفضاً قاطعاً. بعد ذلك التحق بمدرسة الحكمة حيث أمضى سنتين. وقد وجد مارون في هذه المدرسة الجو المؤاتي لتفتح مواهبه الأدبية، واحتكّ بعدد من الطلاب المولعين بالشعر أمثال: رشيد تقي الدين وأحمد تقي الدين وسعيد عقل.
تحميل كتب الكترونية PDF مميزة
- رواية أيام الكونغو سلسلة سافاري أحمد خالد توفيق PDF
- كتاب وداعا أيها الملل أنيس منصور PDF
- كتاب السنن الكبرى سنن النسائي الجزء الثاني أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي PDF
- كتاب النجاح ريتشارد هول PDF
- كتاب النحو الميسر للصغار والكبار حمدي محمود عبد المطلب PDF
- رواية طيور الحذر الملهاة الفلسطينية إبراهيم نصر الله PDF
- تحميل رواية شقة الحرية غازي بن عبد الرحمن القصيبي PDF
تحميل كتب لــ مارون عبود PDF
- غير معني بالأفكار الواردة في الكتب .
- الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف في حالة وجود مشكل المرجو التواصل معنا .
نرحب بصدر رحب بكل استفساراتكم وارائكم وانتقاداتكم عبر احدى وسائل التواصل أسفله :
- صفحة : حقوق الملكية
- صفحة : عن المكتبة
- عبر الإيميل : [email protected]
- عبر الفيسبوك
- عبر الإنستاغرام : إنستاغرام