تعرض هذه المذكرات في الجزء الأكبر منها الفترة التي قضاها الدبلوماسي المصري رفعت الأنصاري في منصب سكرتير أول السفارة المصرية في تل أبيب في أواخر عهد السادات و أوائل عهد مبارك. و دوره من خلال صلاته و علاقاته -و بالأخص علاقات العهر – في نقل معلومات هامة لمصر. فبخلاف العلاقات مع الزملاء في السلك الدبلوماسي من الدول الأخرى و بالأخص رونا ريتشي من السفارة البريطانية التي ارتبط بها بعلاقة جنسية، فقد أقام أيضاً علاقة جنسية -حسب زعمه- بضابطتين في الجيش الإسرائيلي، و مكنته هذه العلاقة من معرفة الموعد المقرر للإجتياح الإسرائيلي للبنان و الذي كان مقرراً في الأصل في 14 فبراير 1982، بالإضافة لمعرفة أكواد استدعاء الإحتياطي في الإذاعة الإسرائيلية، و بنقل هذه المعلومات للسلطات المصرية تمكنت مصر بعد مشاركة المعلومات مع الولايات المتحدة و بعد استدعاء السفير الإسرائيلي و مواجهته بها من الضغط لوقف هذه العملية. و بالفعل أجلت إسرائيل الإجتياح إلى ما بعد إنهاء إجراءات الإنسحاب من سيناء المقرر في 25 أبريل، و نشأت الحرب على أية حال بعد هذا في يونيو من نفس العام كما هو معروف.
أن تكون دبلوماسيا ، فهذا أمر عادي ، أما أن تكون دبلوماسيا مصريا في تل أبيب فهذا أمر محفوف بالشك والمخاطر ، ومحاط بالشك والريبة !
و بين المخاطر والشك يدور هذا الكتاب الذي يروي فيه كاتبه السفير د. رفعت الأنصاري حكايته في تل أبيب ، حين كان يعمل في سفارتنا هناك ، فوضعته أجهزة الأمن الإسرائيلية – خاصة الموساد والشين بيت – تحت المراقبة منذ لحظة وصوله ، ورصدته طوال فترة عمله لإصطياده ، وعندما فشلت في ذلك قررت أن تكون المواجهة الحاسمة ، حيث حاولت إغتياله ثلاث مرات للتخلص منه نهائيا .. أما لماذا خصته أجهزة الأمن بهذا القدر من الشك والتربص، فالإجابة سهلة ، يرويها “الأنصاري” ببساطة في هذا الكتاب ، الذي يكشف جانبا مهما من حقيقة المجتمع الإسرائيلي ، في الفترة التى عمل بها هناك ، كما يفضح أسلوب المخابرات الإسرائيلية في الإغتيالات وتنفيذ العمليات العدائية ، وهو الأسلوب الذي لم يتغير رغم مرور السنين .
إنه كتاب يستحق أن يُقرأ ، يعري فيه “الأنصاري” المجتمع الإسرائيلي ، من خلال علاقاته الوطيدة التى أقامها مع إسرائييلين وإسرائيليات ، واستطاع من خلالها كشف مخططات إسرائيل العدائية تجاه العرب ، ولم تسامحه أجهزة الأمن الإسرائيلية على هذا الأمر فبدأت في مطاردته للإنتقام منه ، لكن السلطات المصرية نجحت في إعادته إلى مصر سرا.