كتاب تاريخ الفلسفة العربية جميل صليبا PDF

يشتمل هذا الكتاب على البحث في تاريخ الفلسفة العربية من أصولها اليونانية إلى أعلامها البارزين في الشرق والغرب. وقد رتب على قسمين، كبيرين: القسم الأول: الأصول اليونانية للفلسفة العربية، وفيه إشارة إلى: أ-أفلاطون: النفس: نظرية المعرفة، السياسة: الدولة العادلة. ب-آرسطو: الحركة: طبيعتها، سببها، أزليتها، النفس: معرفتها الحسية والعقلية. ج-نقل آثار أفلاطون وآرسطو إلى العربية. أهم كتبهما المنقولة وأشهر نقلتها.

“الإنسان هو مقياس كل شيء” ــ بروتاغوراس

كان هذا شعار السفسطائيين قبل أن يقتحم عليهم سقرط مخادعهم ويحاججهم بالعقل سلاحاً والفلسفة درعاً, فالخير والعدالة والجمال بالنسبة للسفسطائي , هو الخيّر بالنسبة له , والجميل بالنسبة له , و العادل بالنسبة له أيضا , فلا يوجد ما هو خير بذاته ولا حق بذاته و لا جميل بذاته , إنما الإنسان مقياس كل شيء , هذا ما نادى به السفسطائيون على المنابر , وكلمة السفسطائي كانت تعني الرجل الحكيم , أما الآن تعني ما هو عكس ذلك تماما .

أما في السفسطة العربية ( أو ما يسمى الفلسفة العربية , أو الإسلامية , أو علم الكلام , سمه ماشئت , فتسمية ذيل الحمار ساقاً لا تجعله ساقاَ ) القرآن هو مقياس كل شيء , فالحق هو الذي يكون حقاَ في القرآن , والباطل هو ما ينافيه , فالفكر الذي يتوافق مع تعاليم القرآن يسمى فلسفة , وما لا يتوافق معها يعتبر باطلاَ , ويجب اعادة النظر فيه , أو غض النظر عنه وحذفه من الكتب و التاريخ وكذلك من أذهان حامليه , لاضيم أيضا إن لوحقوا وقُتلوا . أنا أرى في هذه الفلسفة ما نعرفه بـ ” فكر الصندوق ” فهي لا تتعدى هذا الصندوق , ولا تفكر خارجه , وهذا الصندوق طبعا هو القرآن .

” الفلسفة تبدأ بالتساؤل ” كما قال أرسطو , فالفكر الفلسفي هو فكر الأسئلة والنقد والتمحيص و البرهان , لا فكر أجوبة و تأويل ولا تفسير ولا وحي , فحصر الفكر العربي للفلسفة بـ ” النظربالموجودات بما هي موجودة عليه ” ليس من الفلسفة في شيء , فهذا يفترض التسليم ( بلا برهان ) بالموجود , من جهة والرفض ( بلا برهان ) لما هو غير موجود من جهة أخرى , فهو قطعا َللشك و التساؤل , ويكون بذلك فكراً تبعياً انبطاحياً , يفكر بمن فكّر لا بما به وجب التفكير وبتعبير آخر , وضع الرأس داخل الصندوق.