كتاب أثر القرأن الكريم في الشعر العراقي 1901 – 1950م فوزي الطائي PDF

منذ بزوغ فجر الإسلام وتشرّف هذه الأرض بنزول القرآن العظيم؛ تبدلت حياة
العرب والمسلمين. إذ أخرجهم به الله من الظلمات إلى النور وهداهم إلى صراط العزيز
الحميد. ولزم هذا التغيير الشعر (ديوان العرب) فأصبح يُعنى بتوحيد الله ونشر
الفضيلة والخير بلغة تشعٌ عذوبة ومعاني إنسانية رائعة؛ تسمو بالحياة وتدعو لطلب
الثواب ليوم الحساب. وقد تصدّى الباحثون في الأدب وتاريخه لهذا التأثر. فظهرت
دراسات تبين أثر القرآن الكريم في اللغة والأدب العربي: شعراً ونثراً. لكن لم تظهر لحد
الآن دراسة تقف عند أثر القرآن الكريم في الشعر العراقي بخاصة. على أهمية هذا الشعر
في تأريخ العرب القديم والحديث فأحببت أن أكون أول من يلج هذا الباب بكلمات قد
تقدح ضوءاً أمام دراسات قابلة لهذا الأثر النبيل. خدمة لكتاب الله العزيز أولاً ووفاءً
لشعرائنا الأفذاذ -يرحمهم الله- ثانياً؛ والذين كثروا في تلك الحقبة كثرة محمودة فتركوا
لنا إرثاً شعرياً وفكرياً كبيراً ومسألة إخضاعه بجملته لدراسة واحدة مسألة تكاد تكون
محالة. حتى استقرت القناعة على أخذ نتاج أعلام الشعراء. فهو بالضرورة يمثل بواعث
شعر تلك المرحلة وخصائصه ومراميه. وهو أمر ليس بالسهل على أي باحث كمالا
يخفى. فيجب على من يدخل في هذه الدراسة أن يكون متسلحاً بدراية جيدة بسور وآيات
القرآن الكريم: حفظاً وتفسيراً ومعاني كلمات. فضلاً عن إلمامه الواسع بأطراف الشعر
العراقي الحديث؛ ومن هنا تأتي أهمية هذا البحث الذي آثرتُ أن يكون في بابين: الباب الأول جاءً استقراءً سريعاً لعظمة القرآن وأثره في لغة وأدب العرب (في صدر الإسلام)؛ ثم
عرض واقع الحياة العراقية والشعر العراقي في النصف الأول من القرن العشرين. مما
يشكل مدخلاً مهماً ومندوباً للبحث. فيما تناول الباب الثاني الأثر القرآني في الشعر
العراقي لتلك المدة الذي وجدته يتبلور في خمسة اتجاهات: الاقتباس القرآنيء الألفاظ
القرآنية. الفاصلة القرآنية. معاني القرآن. ومعاني القصص القرآنية. وأستطيع أن
أَرْعُمَ أنني أحطت بنتاج أولئك الشعراء إحاطة شبه تامة كان رائدها الصبر على قراءة
وتمحيص النتاج الشعري الغزير لتلك الحقبة بدأب وأناة وقَرتُها لي السنتان اللتان
خُصصتا لي لإنجاز هذا البحث وما لقيتُ فيهما من عَنَتٍ ومشقة. الله أعلم بهما في
سبيل الوصول إلى النتائج المرجوة. إذ تعلمتُ من أدب القرآن الكريم أن أصير صيراً جميلاً
(من دون شكوى) عندما تعترضني المشكلات والعوائق ثم ما كان لهذا البحث أن يخرج
بصورته الحالية لولا عناية ورعاية أستاذي المشرف: أ. د. صباح نوري المرزوك أمد الله في
عمره ولا حرمنا من علمه. ثم أتوجه بالشكر والعرفان لكل من تقدم لي بعونٍ أي عون.
أسأل الله الكريم العافية والتوفيق لنا جميعاً.