رواية نداء الوقواق رباعية الخسوف إبراهيم الكوني PDF

القضيّة الأولى التي تمر بها الرباعية، هي سرد لحياة العربيّ البدويّ، فهو يوافق على أن يضحّي بكل شيء مقابل الاحتفاظ بكرامته وسمعته وسط أقرانه وقبيلته، على حساب رغباته وأفكاره وتوجهّاته، وصف الكاتب تمسكهم بالعادات بـ “مصحف التقاليد” إي أنه لا مناص من تغيير الراسخ في حياتهم. ومن يخالف ذلك يلقى سياط الهجاء من شاعرات القبيلة، الهجاء يقتل ويحرق القلب كما وضحه الكاتب على لسان شخصيته المحورية: غوما.

توضّح الرواية أيضا منظور الدين وكيف يتم تحويره واستغلاله للمصالح الشخصية ، فالقاضيّ والشيخ يعظون الناس في الصباح وفي الليل يتسللون إلى بيت العاهرة “زهرة”.

تحمل الرباعية أفكار فلسفية حول ضرورة التخّلي عن الممتلكات والقيود، واللهث وراء الماديات التي لا تنفع، والتحلي بالتحرر من ذلك التملك المزعج الذي قد يحكم على الإنسان بالموت، فقد مزج الكاتب هذه الفلسفة بأسطورة العقارب، من رحل بممتلكاته وتمسك بها لدغته العقارب ومات فورا، يقول غوما في ضمار الحكي: الاستقرار سبب العبودية.

الشيخ غوما، مزيج من الحكمة والهدوء والغضب، هو الشخصية الأساسية التي تدور حولها الرباعية، فهو يعظ أحيانا ويتمسك بالدين أحيانا، ويرفض الصلاة على المنتحر تاره، ويقبل ذلك تاره، ولعل الكاتب يلمح هنا حول أنه لا يوجد أحدٌ منزه عن الخطأ، ويتمسك الشيخ غوما بعادات الصحراء حتى عند الهجره والرحيل إلى مكان آخر، ففرحته بالقبائل الصحراوية العائدة إليه كي تذهب للحرب كادت أن تجعله يذوب من السعادة، وتتصادم فلسفة غوما حول ضرورة التخلي عن الماديات إلى أنه أدمن الشاي، وقدّس طعمه، وغضب من نفسه في النهاية حين اكتشف ادمانه هذا.