كتاب لماذا يهاجر الشباب العربي ؟ بحوث في إشكاليات الهجرة والمستقبل مجموعة مؤلفين PDF

 تبرز المرأة العربیة بأعمار شابة متغی ًرا بدا أكثر برو ًزا من ذي قبل في مختلف أصناف الھجرة من مشرق البلدان
العربیة ومغربھا. لكن تبقى ظاھرة ھجرة النساء رق ًما شبھ غائب عن مساحات البحث والدرس. وتكاد المكتبة العربیة
تخلو من دراسات مع ّمقة تستھدف التناول العلمي للظاھرة.
یمثل ھذا البحث اجتھا ًدا في س ّد بعض جوانب ذلك الفراغ، ودعوة ضمنیة للفت الانتباه إلى ما أضحت تحتلّھ الھجرة
النسائیة العربیة بمختلف صیغھا – الطوعیة والقسریة والفردیة والمرافقة – من مكانة متعاظمة في المعیش الیومي لعدد
من النساء، ولا سیما في مقتبل العمر من ناحیة، وإلى ما أضحت تطرحھ من أسئلة محرجة عن المكانة المرتبكة للنساء
ومواقعھن الھامشیة في المشھد التنموي لاقتصادات عدد من الدول العربیة، من ناحیة أخرى.
تسعى إشكالیة ھذا البحث المحوریة إلى التساؤل عن العلاقة بین ھجرة الفتیات العربیات غیر المشروعة نحو أوروبا
والدول الغربیة بحثًا عن العمل وعن مستقبل أفضل، وھجرة الفتیات من عدد من الدول العربیة في المغرب والمشرق
إلى مناطق النزاع والانخراط في ما أضحى یسمى »ھجرة الجھاد«، بوصفھما أشكا َل حرا ٍك جغرافي وسوسیولوجي
تحركھ دوافع وأسباب، وینخرط في ثنائیة الجذب والطرد التي تناولتھا سابقًا أدبیات علم اجتماع الھجرة والنظریات
الكلاسیكیة المفسرة للظاھرة.
كما یسعى البحث أی ًضا إلى التساؤل عن المدى الذي یمكن معھ اعتبار تلك الأصناف من الھجرة في بعض جوانبھا
إشھا ًرا للرفض في وجھ قصور التنمیة بأبعادھا المختلفة الاقتصادیة والاجتماعیة والسیاسیة والثقافیة. ویتساءل عن
الحجم وأھمیة تلك الظواھر، وتتبّع بعض ما یر ّوج حولھما من أرقام وإحصاءات. ھذا مع الاھتمام الخاص بحضور
الفتاة في مشھد الھجرة غیر المشروعة والقسریة من سوریة والمنبثقة بعد التطورات السیاسیة والأمنیة الحاصلة في
المنطقة.
یع ّد التم ّشي المعتمد في التحلیل أن للھجرة، النسائیة منھا خصو ًصا، وج ًھا واح ًدا، وإن تعددت الصیغ والمسمیات
والأصناف والأشكال، وأن الجواب عن أسئلة الھجرة یبقى مرتھنًا وإلى حد بعید بالجواب عن أسئلة التنمیة بألوانھا
المختلفة، وأبعادھا الاقتصادیة والاجتماعیة والسیاسیة والثقافیة الشاملة.
یتناول ھذا البحث ظاھرة الھجرة غیر المشروعة للفتاة العربیة، سوا ًء نحو أوروبا أم نحو بؤر التوتر والنزاع
والانضمام إلى الجماعات والتنظیمات المتطرفة، معتم ًدا زاویة نظریة تجتھد في مقاربة الظاھرة على اعتبارھا متعددة
الأسباب ومتنوعة العوامل. ویجتھد البحث في تفكیك عناصر الموضوع انطلاقًا من اعتبارھا »ظاھرة اجتماعیة
كلیة«. والظاھرة الاجتماعیة الكلیة ھي أداة عمل منھجیة، كما استنبطھا عالم الاجتماع والأنثروبولوجیا الفرنسي
مارسیل موس، تقوم على مبدأ دراسة الظواھر الاجتماعیة على أنھا كل متعدد الوجوه والأبعاد ومتشابك الوظائف
.
یشترك في تنشیطھ المجتمع بكاملھ)