كتاب الأسس الأخلاقية للماركسية أوجين كامنكا PDF

في كل كتاب من كتبه يتحدث كارل ماركس عن ظاهرة الاغتراب، ثم يحاول أن يقوض هذه الظاهرة، والتقويض لن يتم إلا إذا سادت القيم الخلقية الصادقة، فكيف إذن يتحدث الذين كتبوا عن ماركس عن أنه غفل أو تغافل عن معالجة القضايا الأخلاقية؟ لقد اعتقدوا أنه ركز على القضاء على هذه الظاهرة بأن يتم إلغاء الاستغلال وقهر الإنسان وسلب ذاته، وقد غفلوا عن أنه لن يتم هذا الإلغاء إلا إذا سادت قيم الحق والخير والجمال، فهل غاب هذا البعد عن أفق كارل ماركس؟ أم أن الذي استهدفه وحسب هو إقامة اشتراكية على أساس اقتصادي محض؟

في كتابه «ماركسية القرن العشرين» يقول جارودي: إن «علم الجمال لدى الماركسيين هو علم أخلاق المستقبل»، إذن فإن الماركسية كانت تستهدف إشاعة التناغم بين الناس، وهذا التناغم الجمالي سيكون من شأنه أن يقوض البغضاء والشره والطمع والحسد، لكن كل هذا في إطار عدم الخضوع لقيم كلية غير شرعية، يقول ماركس في كتابه «الأيديولوجية الألمانية»: إن الطريق الحق لإنهاء الاغتراب الإنساني هو إلغاء أي شيء من شأنه أن يخضع الأنا لقيم كلية غير شخصية».

لقد تنبه ماركس إلى أن العمل لا ينتج وحسب السلع، إنه ينتج نفسه والعامل على أنهما سلعة، لقد استبصر وتنبه لأهمية القيم الروحية: الأخلاقية والجمالية والدينية، وقد تنبه إلى ما تفعله النقود بهذه القيم، يورد «روبرت تكر» قول ماركس: «إن النقود هي القوة المقدسة التي تحول كل الأشياء فتحول الإخلاص إلى عدم الإخلاص وتحول الحب إلى كراهية، وتحول الفضيلة إلى رذيلة، وتحول الخادم إلى سيد»، وماركس يدرك فاعلية هذه الأفكار الخلقية، ويذكر «وود» أن ماركس يذهب إلى أن الأفكار الخلقية والعقائد والمشاعر هي أيديولوجية فاعلة، ثم يضيف أن الوجود الخالص للمفاهيم الأخلاقية (الحق، العدالة، الواجب، الفضيلة) والمشاعر (حب الفضيلة، دافع الواجب، الإحساس بالعدالة) يجري شرحها عند ماركس من خلال الوظائف الاجتماعية التي تؤديها.